Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
26 mai 2011 4 26 /05 /mai /2011 16:25

بــين القــلـب و العــقـل


دوائـر و حـلـقــات
حقيقة مكررة، أو حلقة ظرفية


( نحن فقط نسبح في دوائرنا المحدودة الظرفية بين دورات عابرة و حلقات تسبح كلها على دورة شاملة متمددة... )

ما الدوائر ؟ ماذا يحدثها و ماذا يُفنيها ؟ ثم.. ماذا نستلهم منها ومن تموجاتها التي تحدث بالقوة و تموت بالضعف ؟

 

 


الدائرة حركة في الأصل كما الأصل لصورة دجاجة في لحظة معينة هو الدجاجة الحية المتحركة ذاتها. الدائرة كما نعرفها صورة أو رسم، أما الدائرة في الأصل فهي جزء من حركة مستمرة في جميع الاتجاهات بكل أبعادها تنتج عن قوة مركزية و يعتمد استمرارها على طاقة هذه القوة و على القوى الداخلية لهذه الحركة الدائرية التي تحدث صدمات مستمرة و متوالية تدفع باتجاه تمدد هذا الاستمرار الدائري. لن نبحث في في القوة المركزية هنا، لا في ماهيتها و لا في مسبباتها، إنما سنركز فقط على حدوث تلك الحركة الدائرية و سنبحث انطلاقا منها في ماهية الوجود عموما الذي هو حركة شاملة و في ما سأصطلح عليه بالحركات أو الدوائر الظرفية التي يتشكل منها الوجود.
كل حركة هي في الأصل دائرية لأن الأصل فيها انتقال لصوت أو انزياح لجزيئات صغيرة جدا إما بالتشتت أو بالتركيز. و إن لم تبد الحركة دائرية، فتكون وراء سيرورتها المستقيمة أو المتعددة الأبعاد.. دوائر، مهما كانت هذه الحركة و لو بدت تسير على مستوى مستقيم. فالمستقيم تصور فقط. المستقيم رؤية فقط، و الرؤية طبعا ليست حقيقة. المستقيم.. هو اتجاه حتما، لكن فقط حين نخطه افتراضيا مضطرين. أو ربما كذلك هو اتجاه لا منتهي، اتجاه لا محدود، فكرة ! و ذلك من زاوية نظر معينة بقوة فكر.. بتفكير تطبيقي.
المستقيم رؤية إن اجتمع عليها كثيرون أصبحت بالتكتل اتجاها بمعناه الفكري الفلسفي المتعارف عليه، أو كيانا كالمدرسة و الجمعية والمنظمة و الحزب أو.. الدجاجة...

 

لاحظ معي أن المستقيم له اتجاه في خط افتراضي و أن الفكر قد يتجمع في تكتل باتجاه مشترك متفق عليه. نحو هدف معين.
المشكل كله هنا : تحديد الاتجاه، تجميد حركة الأفق و جعله صورة فقط بيد أنه حركة بقوة الطبيعة اتجاه فلسفي مثلا، أو مصلحي.
هذه المستقيمات لا يمكن لها إلا أن تكون ظرفية، و هي بظرفيتها الفكرية تلك تصبح دائرية حيث أنها تبتدئ في نقطة معينة و تنتهي في نقطة خيالية تكون عموما نقطة بداية أخرى. الحركة من النقطة المعينة إلى النقطة الخيالية هي دائرة منتهية، وزارة مثلا أو حكومة، و عند نهايتها تنطلق الدائرة الموالية لتبدأ معها و مع غيرها من الدوائر الموازية حركة مركبة لحلقة أخرى، حضارة أخرى مثلا.
كذلك هي الحضارات حلقات. حلقات حركتها دوائر متحركة. و مهما اجتمعت الرؤى حول شيء معين أو حول تصورات محددة فهي تبقى نظرة. نظرة ظرفية رغم الكثرة. تنطلق بقوة و تندحر لتموت بالضعف و تبقى صورة. مرجعا. تاريخا.
لربما نتفق هنا على أن الحقيقة لا تكمن لا في الكثرة و لا في القلة و لا حتى في فرد إذن، لأن الفرد ينتهي برؤيته إن لم يتشاركها و القلة تتفكك بسرعة مع الزمن و لا يكون لها أثر مستمر بالتالي في الزمن و الكثرة مهما ازدادت تصبح صورة أو مرجعا يضاف إلى مجموع الاتجاهات التي كانت و صارت مراجع فقط. الحقيقة تتغير كل الوقت.
الحقيقة تأخذ شكلا افتراضيا من ظرف، من زمن. ربما يكون الزمن الذي يحتوينا جميعنا هو الحقيقة لأنه يلتقي معها في التغير و السيرورة. و لربما نتفق لاحقا بالتالي على أن نؤمن بما هو موجود و ما هو محسوس معا حتى تكون لنا نفس الرؤية و.. نفس وقع الأثر الصوتي الغني عن تصوراتنا.

 

الدوائر تحيط بنا و تحملنا بداخلها فوق حلقات الزمن المتعاقبة كالأمواج قبل انكسارها على الشاطيء، كالموجات. الجيل، العشرينات أو بداية القرن العشرين، الحقبة، العصر، الحضارة، الدولة...
الدوائر تكور حقيقتنا الظرفية المرئية بالحقيقة التي وجب أن تكون محسوسة فقط، بالحقيقة التي أتت قبلنا و التي تسير أمامنا.
الحقيقة سبقتنا. حين كانت الحقيقة لم نكن. الحقيقة تتقدمنا. و حيث أنا كنا، اِطلعنا و عرفنا أشياء كثيرة و تطلعنا فبحثنا و نجحنا.. لكننا لا زلنا لا نعلم. كيف لنا أن نعلم و ما رأيناه و ما أحسسناه لا يعدو أن يكون أثرا تحدثت لنا عنه العلوم الإنسانية و بعض الأنثروبولوجيا و مؤخرا بعض التحليل العلمي التأويلي، حديث يبقى قراءات إنسانية. آراء قد تكون مفصلة و دقيقة. هي حقائق قطعا، لكنها ليست الحقيقة، لأن الحقيقة، بكل بساطة، تشملنا.
نحن البشر كلنا و كل من سبقونا جزء من الحقيقة، أو نحن فقط أحد مكوناتها المتنوعة.

 

العلوم، كما نشهد، لم تستطع بعد تجاوز خطيئة قابيل. ما هذا العلم الذي يقترف نفس الجريمة ؟ هذا العلم الذي يقتل أخاه ! هذا العلم الذي تصطدم بداخله حقائقه.
لَمْ نر الحقيقة، لِمَ البحث عنها في المتخيل ؟
لنلاحظ الحقائق المتكورة و نتبعها في شكلها الذي حكمته الدوائر ! لنلتف حول أنفسنا و نرى ما يمكننا أن نحس به و أن نتصوره. لنتتبع الأثر إلى الوراء.
أعمتنا الأشكال و التنوع و الأبعاد. أعمانا نور شمس فلم نهتد لنور الإحساس الذي انبعث في أصله من الظلام.. و إلا.. فلم نحس أكثر في الظلام ؟
لنتأمل كيف نتشابه كلنا في إحساسنا حين دخولنا في فضاء مظلم. لنتأمل ألوان خوفنا ! تلك تجربة عشناَها و كلنا يخاف الظلام رغم اليقين بأنه آمن في حالات اختراقه تجريبيا. نور الشمس ليس كل شيء. نور الشمس يخفي كل الحقيقة الدائرية من حولنا. كل الحقيقة التي تحتوينا. كل الحقيقة التي تكمن في الظلمات.
لا معنى للوجود في حدود الشمس. عجيبون نحن حقا رغم الدوائر.. نبحث عن حقيقة تحتوينا. أيمكن لنا أن نحيط بما يحتوينا ؟ ما أكثف الكون عن وعينا ! و ما أبعد الكون عن إدراكنا ! كيف لنا أن نعلم ؟ !

 

لنشعر ! لنعش بما هو أمامنا و لنتلذذ بما لا يرى و يدعونا إليه ! لنتفكر ! لنحترم السؤال ! لنحترم ما يوحى ! لنعترف أننا ببساطة لا نعلم و أننا نحاول فقط أن نفهم لنعيش أحسن ! ليس المهم كيف تراك تعيش، المهم أن تحس أنك فعلا تعيش رغم نظرة الآخر فيرجع إليك الآخر لراحتك.
هو إحساس نشعر به في القلب، لا يمكن للعقل أن يحتويه.
أحاسيس القلب ربما تتلقى إشارات من العقول، لكن تفكير العقل لا يدرك إشارات القلب. يدرك القلب الغائب و لا يدركه العقل. العقل ثابت و القلب ينبض. و هما معا لا يعوضهما شيء في الذات و.. لا ينموا... القلب يتحرك.

الحركة لها قوة دافعة. حركتنا التي ننتمي إليها تحتوينا لسبقها لوجودنا. كيف لنا إذن أن نعقل القوة الدافعة لهذه الحركة التي تحتوينا ؟ لن يصل العقل أبدا إلى هذه القوة لأن وجودها سابق لنا و لعقلنا.
لنلتزم إذن بحلقة واحدة فقط حين حركتنا التفكرية هذه، حين محاولة الفهم، و لنتنقل بين الحلقات عسى أن نقترب من خلال بعضها إلى حقيقة الدائرة العامة المتحركة. لنتنقل بين أشياء الحياة و لنحاول إدراك شيء من حقيقتها.
الحياة عبارة عن مجموعة من الحركات التي تنتقل على حلقات أتت من ماض سحيق وهي تمضي (الزمن الحاضر المتحرك) في زمنه اللاحق (الزمن المستقبل الماضي دائما إلى الأمام) على دوائر. حاضرنا زمن متحرك لاحق لماضينا.
نحن نتعامل مع حاضرنا كتعاملنا في الهندسة، مع الخط. نثبت حركة الزمن لندرسة أو لنتوقف عند حدث معين لسبب ما، لنقص ما، فالزمن لا يتوقف، بل أكاد أجزم أنه يجري جريان الماء أو الرياح في دورات حلقية على مركز سيار.
خارج الفكر الإنساني، ليس هناك ماض و لا حاضر و لا مستقبل.

 

الزمن حركة مستمرة في دوائر، على حلقات. و ما الخطُّ المستقيم إلا نظرة لكائن قائم يرى نفسه مستقيما رغم عينيه الدائرتين و المكونات الدائرية لنظرته، لرؤيته، لرأيه. رغم عالمه الدائري و رغم الحركات الحلقية الكونية.
الحلقات تفنى بالضعف، هي حلقات مدفوعة داخل دائرة شاملة تتمدد. نحن نسبح على حلقة واحدة فقط من حلقات لا تحصى، حلقة صغيرة جدا في شساعة الكون تحمل حياتنا التي نراها كل شيء عند قيامنا.
الحياة مجموعة حلقات مستمرة الحركة داخل دائرة شاملة تتمدد و تتنقل، دائرة تسبح أو تسير.
الحياة عبارة عن هدم و بناء مستمر لها بداية بالقوة و نهاية بالضعف. الحياة كانت و هي ماضية على دوائرها إلى زمن هو أبعد منا.
نحن ظرف فقط. نحن مدة مادية ماضية إلى نهاية حتمية.

يظل المحسوس يسبح في الدوائر يبحث عن الحياة، يبحث عن قلوب نابضة يترك فيها أثر إحساس. الأحاسيس تحيط بنا من كل ناحية و هي تصطدم بالتيارات الدموية في عروقنا فتحدث بها اهتزازات تكون أحيانا لذيذة و أحيانا مؤلمة. الأحاسيس تسبح و تتكثل و تتشتت حسب طاقة الجذب و الطرد لدى من يحملها، لدى الكائن الحي. الأحاسيس طاقة كهرمغناطيسية سابحة في الفضاء.. لكل لواقطه و قدراته على فك الشفرات الأبدية. الأحاسيس تسبح في دوائر خفية لا يدركها العقل و يحسها القلب.

لنعش دورتنا الدموية، لنقو قلوبنا و لننظر كيف ننتعش و نفتر رغما عنا إلى حين.
نحن أحياء بالقوة. بالقوة نحن موجودون في حلقة. لنِسبح في دوراتنا و لنحافظ على خفة دمنا. لندر وجوهنا للبحث عن الحقيقة، حينذاك فقط تميل الحقيقة إلينا لأنها كانت دائما هناك. فهي بداخلنا موكولة لأحاسيسنا حسب الاعتقاد.

إن اهتدينا نعِـــش فعلا ! و إن لم نهتد نحيا فـقط !

 

 

عــــــــــلال فـــــري ، مـــــارس 2010

Traduction vers le français disponible dans la même rubrique "Articles"

 

Partager cet article
Repost0

commentaires

Présentation

  • : Allal Ferri عــــلال فـــري
  • : Les mots.. ces dessins et leurs sons.. disent beaucoup sur nous... Réflexions en Vers Fibres et Traduction
  • Contact

Recherche

Liens